حديث ضحى

لطالما كانت لدينا فكرة أو قناعة مختبئة بداخلنا، تتبلور وتتضح من خلال موقف.

جمال أي علاقة وأريحيتها مرتبط بمساحة الحرية، حرية التعبير! لا أبالغ حين أقول أننا ندخل علاقات ونكون أسر ودوائر اجتماعية لهدف واحد نغفل عنه: متعة الحديث والأنس… نعم الحديث بتجرد وبساطة من أعظم وأمتع ماقد نمارسه كبشر.

قد نُقدم على تصرفات خاطئة أو حمقاء لتجربة شعور معين أو البحث عن غاية أو احتياج، لكن نُدرك لاحقا أننا بحاجة مساحة آمنة للتعبير والتصريح بهذه الرغبات والثغرات النفسية فينا.

لدي عدد من الأشخاص وجودي معهم والتحدث إليهم نعمة أشكر الله عليها وهم يعرفون أنفسهم تماما، أسعد بلقائهم ويريحني حديثهم، لكن ضحى جربت معها التعري بالحديث، تجريد نفسي من كل المثاليات والقيم المتوقعة مني ولم أجد إلا إنصات وتفهم بلا أي حكم أو نقد والأهم من ذلك، في كل مرة تراني تُشعرني بأني إنسانة جديدة أخلق نفسي من نقاط ضعفي وأسراري دون أن أخجل منها.

وأنتم هل لديكم ضحى خاصة بكم؟

الفضول وخط النهاية!

لماذا نكمل مشاهدة فيلم حتى وإن شعرنا بالملل؟ أو إن عرضت مشاهد لا تلائم ذائقتنا وأفكارنا؟ السبب هو الفضول ! فنحن لا نثابر على إتمام شيء لأجل الشيء نفسه، بل لأننا نشعر بالفضول ولاشيء يرضي هذا الفضول سوى الاستمرار للمعرفة، نود أن نعرف النهايات والأجوبة والتبريرات! لذا نكمل للأخير.

وكذلك في الحياة صرت مؤمنة بأهمية الفضول وتغذيته لنصل لنهايات إمكانياتنا وإبداعنا، لنذهب أبعد مما نتخيل ونزور مساحات جديدة داخل أنفسنا، الفضول للتجارب والمعارف وأنماط الحياة، لنفهم أنفسنا ومن ثم من حولنا ولكي ندرك قيمة الأفكار والمشاعر التي تسكننا.

الفضول يختلف عن التطفل! وكيف نعرف إن كان مايدور في البال فضولا أم تطفل؟ إن رأيت نفسك تتقبل المختلف وتحبه فهذا هو الفضول، إن لم تمانع في التغيير والخروج عن المعتاد فهذا هو الفضول، إن أقدمت على تجربة فيها شيء من المخاطرة فهذا هو الفضول!

الفضول وقود للاستمرار، التطور و التجدد ، متى آخر مرة ساقك فضولك لتجربة جديدة؟

إشارة مرور من نوع آخر

سان ستيفانو

كل العالم يستخدم إشارة المرور لتنظيم السير ، أخضر للانطلاق، أصفر للاستعداد وأحمر للتوقف.

إلا هنا، السير يتبع نظاما فوضويا بشكل انسيابي يقنعك بأن هذه الفوضى ليست إلا نظاما وأنت مخالف للنظام.

الحركة جارية كالنهر الصافي، لكن أصوات الأبواق لا يعلو عليها أي صوت ليس في الشوارع فقط، بل حتى في الأدوار العالية من الأبراج.

وهنا عرفت أن إشارة المرور في هذه البقعة الساحرة التي أحب هي فعلياً لتنظيم هذه الأصوات! أصوات الأبواق التي تنطلق مع الضوء الأخضر وتصبح الدنيا كقن الدجاج الذين حان وقت وجبتهم، تصير الأصوات أقل وأعلى مع الضوء الأصفر ومع الضوء الأحمر يغرق الشارع في سكون عظيم كلحظة يأس عداء لم يحصل على الميدالية الذهبية!

القوانين العالمية الموحدة سُنَّت للتنظيم، لكن وحدها الشعوب العظيمة العنيدة هي من تجعل من هذه القوانين شيء تافه.

لربما أعطيت رأياً خاطئاً أو تماديت في وصفٍ ما، لكن الجلوس مقابل الشارع مع قهوة مضبوطة وتأمل مشهد السير في الإسكندرية مشهد مُلهم حتماً ويستحق الكتابة عنه.

نشبه ملامحنا؟

حين تقف أمام المرآة وتنظر لنفسك، ماذا ترى؟ شخص جميل؟ مليح؟ مقبول؟ وما خلف ذلك هل ترى روح طيبة؟ قلب محب؟ أم إنسان غير محظوظ أو تعيس؟ بريء أو خبيت؟ هذه النظرة هي الأهم! كيف ننظر لأنفسنا.

بالمقابل حين تنظر للناس ماذا ترى؟ عندما يُعجبك أحدهم ما الذي يعجبك أكثر شيء؟ هل الملامح هي التي تعطينا الانطباعات التي نكونها عن الأشخاص؟ والأشكال والروائح؟ وما مدى شبه هذه الملامح ببواطن البشر؟ أحيانا نرى براءة ولطف في ملامح شخص ليتضح لاحقاً أنه داهية! ونرى الكدر والعبوس في ملامح شخص يحمل اللطف والفكاهة!

فهل ملامحنا فعلا تشبهنا؟ وهل لها علاقة بصفاتنا وسلوكياتنا؟ كل منطقة أو مجتمع نجد لها ملامح مشتركة فمن خلال الملامح نميز بين الهندي والصيني والسعودي وكما نميز ملامح بعض مناطق السعودية ؟ فهل الملامح مرتبطة بالسمات الاجتماعية والنفسية ؟

ما رأيكم؟

Due date

اخترت أن يكون العنوان باللغة الانجليزية كون هذا المفهوم شائع تحت هذه الكلمة ومعناها تاريخ الاستحقاق أو الموعد المحدد! الموعد المحدد للانتهاء من عمل، حتى الحامل يحسب لها وقت متوقع قد تتأخر أو تتقدم عنه. في بعض الأعمال أو الأحوال التوقيت مهم جدا وإذا تم تجاوزه يفقد قيمته تماما، كحضور احتفال بعد ماتنتهي المراسم أو القيام بلفتة منتظرة في وقت احتياجها. بينما هناك أعمال أخرى الوقت المحدد يقتلها، لأنها تكسب قيمتها مع مرور الوقت، تنضج أكثر وتصبح أجمل مع مرور الوقت مثل: كتابة نص روائي بديع!

وبين هذا وذاك، يظل هذا الموعد تذكير بالاستمرار بالعمل والاجتهاد لكن، ليس على حساب نوعية وجودة العمل! لذا في الأمور المهمة بالنسبة لك أنت من يحدد هل الوقت له الأهمية أو طبيعة العمل نفسه والتاريخ المحدد له تاريخ محدد بديل، أما النتيجة مجرد الانتهاء فليس لها بديل.

لا تجعل الوقت المحدد يأخذك في دوامة العمل من أجل الانتهاء بل العمل من أجل نتيجة جديرة بالذكر والاهتمام!

متى توقفت؟

هل سبق وتوقفت عن القيام بشيء لم تتوقع التوقف عنه؟ هل مرت بك عاصفة شعور قلبت الحب الذي بقلبك تجاه شخص أو شيء لكره ؟ هل قررت التوقف عن العطاء أو اللطف بين ليلة وضحاها واتهمك من حولك بالتغير ؟ هل تنازلت فجأة عن حلم طال انتظارك له وكلَّ جهدك منه؟ هل صحوت يوما على نية رمي الكثير من الأشياء التي احتفظت بها؟ هل هدمت خطة بنيتها على اقتناع ومشيت في دربها طويلا؟ لماذا ؟

نبرر تصرفاتنا المفاجئة وقفاتنا بالتعب أو الملل أو الإحباط، لكن الأمر أعقد من ذلك فهذا التعب أو الملل كان نتيجة تراكمات تشربناها ثم استفرغناها كشعور سوداوي أو كمرحلة يسميها البعض اليأس أو اللامبالاة!

الإنسان خلق ليكابد فهذه سنة الحياة وحين يتوقف عن المكابدة فهناك أسباب أكبر من كونها حالة شعورية عابرة..

كل ماتتوقف عن شيء اعتدت عليه اسأل نفسك: لماذا؟ وما الذي تعلمته من ذلك المسير!

هالمرة لا تسأل قوقل!

الإنسان مخلوق فضولي، منذ الطفولة ونحن نستكشف ونسأل وأكثر المعلومات رسوخاً في أذهاننا هي التي صاغها لنا الأهل بطريقة معينة وشيقة! كلنا سألنا والدينا: كيف أنجبتوني؟ وكلنا نتذكر الإجابات الخرافية التي قيلت لنا.

الآن مع وجود محركات البحث أصبحنا نحن وأطفال هذا الجيل نلجأ لها لمعرفة أجوبة أسئلتنا! بل وإذا سألنا أحد عن شيء نقول له: اسأل قوقل! ناسين أن قوقل سيعطي الإجابة وأكثر من الإجابة وربما في سياق غير جيد.

ومع كل المصادر وسهولة الوصول للمعلومة يظل سؤال الناس حاجة جميلة، لماذا؟ أولا، مدخل لحديث قد يكون ممتع ثانيا، المعلومة التي نحصل عليها بتعبير إنساني بصوت وألفاظ معينة تبقى في الذاكرة أكثر وأخيرا، التجربة الشخصية التي قد تضيف لنا الكثير.

لا تسألوا قوقل دائما، اسألوا من تعرفون وتحدثوا معهم عن الإجابة واجعلوا من فضولكم جسر لأحاديث مسلية.

تثبت نفسك لمين؟

إن أسوأ ماقد تقوم به اتجاه نفسك هو محاولة إثبات نفسك لأحد، وأن ترهق نفسك لتبدو بصورة معينة لتنال إعجاب أحد!

التفكير بإثبات النفس يضع على الشخص ضغوط تجعله يتصرف بطبيعة آلية لا إنسانية بحثاً عن المثالية والنتيجة: الفشل.

كن أنت وكن ماتريد لرغبتك بذلك وابذل كل جهدك لتصل لا لتحصل على رضا أحد بل رضا نفسك عليك.

تخيل أن هناك من يتزوج وينجب تلبية و تحقيقا لرغبة الوالدين، وهناك من يدرس الطب أو الهندسة ليحقق التميز المزعوم وربما كان قدرهم أن يكونوا فنانين عباقرة، وهناك من يسيء لبشر لم يضروه لخاطر بشر لن ينفعوه و الأمثلة كثيرة وكلها تشهد بإخفاق المحاولة لأنها نابعة من الادعاء لا الواقعية!

اثبت لنفسك أنك أفضل من السابق، أنك تتطور وتنمو والنتائج كفيلة برسم الصورة الصحيحة عنك في أذهان البشر.

قوة المقاومة..

تأتينا الأفكار في حالة الحركة كالمشي أو الاستحمام وفي حالتي أثناء جلسات العلاج الطبيعي تحديدا وقت تمارين المقاومة والتي أحبها رغم ألمها لأنها تجعل حياتي أفضل وحركتي أسهل.

ومن هنا طرأت هذه الفكرة أن كل فعل مقاومة هو قوة! مقاومة الرغبات، مقاومة التحدي، مقاومة الأفكار المؤذية كلها أفعال قوة. وتكرار المقاومة يؤصل القوة حتى تصبح طبيعة لا تحتاج منا جهد.

المقاومة اسلوب حياة واسلوب بناء !

ما القوة التي تود امتلاكها؟ وما المقاومة اللازمة لذلك؟

الكثير من البشر وقالب واحد

حين خلق الله آدم شكله من طين وأعقب ذلك سلالات بشرية لا تُعد بألوان وأشكال ولغات وعادات مختلفة لكن بقالب واحد لا يختلف، نفس الأعضاء ونفس التكوين الحيوي ونفس العمليات الحيوية. كل هذه الأجساد تحتاج نفس الاحتياجات، غذاء، شرب، ملبس، عناية، جنس، علاج وغيره.

بينما خلق أشياء عديدة بأهداف وحاجات مختلفة مثل الحيوانات والنباتات والمخلوقات الأخرى! ميزنا الله على سائر خلقه وحملنا مسؤولية الأرض و إعمارها لكنه جعلنا بقالب واحد كبار وصغار، أشرار وأخيار، فقراء وأغنياء، لماذا؟ أن يميزنا عن سائر الخلق ويوازي بيننا ويتركنا نبتدع اختلافات لنتفوق بها على أقراننا؟ نحكم، نتسلط، نظلم ونخلق عوالم غريبة!

لكن من يُمعن ويتأمل يدرك، يدرك ماذا؟ أننا نتشابه كثيرا ليس فقط بتكويننا الخارجي بل حتى بدواخلنا، وهذا مايجعل الإنسان العميق يبحث و ينجذب لمن يحاكي دواخله مهما كان اختلاف اللغة، الدين، اللون أو العادات.. لأننا بشر عرفنا الحكمة الأسمى و بحثنا عن الإنسان الذي يشبهنا ..

وطوبى لمن استطاع اختيار إنسانيته وإنسانه!